بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد: فهذه نخبة الفكر للحافظ ابن حجر العسقلاني ، و هي متن في مصطلح الحديث ، ولقد لقى هذا المتن قبولا ورواجا بين طلبة العلم وأهله ، لاهتمامهم البليغ به من شارح له ومعلق عليها ومحش و ناظم له ، وحين رآى الحافظ ابن حجر اهتمام الناس به وحتى هناك من سبقه من العلماء إلى شرحه ، سارع هو لوضع شرح له وأسماه نزهة النظر وحتى قال في نزهته " ولأن صاحب البيت أدرى بما فيه" و كأنه يقول للناس أن من وضعت هذا المتن وأنا أحق بشرحه ، ثم طبعت نزهة النظر طبعات كثيرة ، لكن كما قال شيخنا علي حسن الحلبي " لا تخلو واحدة من الأغلاط والتصحيف وعدم الدقة" و لشيخنا علي الحلبي شرح على النزهة سماه" النكت" وهو كتاب نافع ومليء بالفوائد والنفائس ، وما زاده رونقا ورفعة تلك التعليقات النفيسة لشيخنا الألباني التي علق بها على النزهة ولم يكملها ، بل لم يكتب لها الخروج من مكتب شيخنا الألباني الا من خلال الشيخ علي الحلبي والتي ضمنها ومزجها في نكته على النزهة فأتت في أجمل حلة .
نزهة النظر في شرح نخبة الفكر في اصطلاح أهل الأثر للحافظ ابن حجر(الدرس 01)
الحمد لله الذي لم يزل عليما قديرا ، وصلى الله على نبينا محمد الذي أرسله إلى الناس بشيرا ونذيرا ، وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد :
فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت ، وبسطت ، واختصرت .
..........................................................................................
(الحمد لله الذي لم يزل عليما قديرا) حيا قيما سميعا بصيرا ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأكبره تكبيرا.
(وصلى الله على نبينا محمد الذي أرسله إلى الناس)كافة( بشيرا ونذيرا، وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليما كثيرا .)
أما بعد :
فإن التصانيف في اصطلاح أهل الحديث قد كثرت) للأئمة في القديم والحديث :
- فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه المحدث الفاصل ، لكن لم يستوعب
- والحاكم أبو محمد النيسابوري ، لكنه لم يهذب ولم يرتب
- وتلاه أبو نعيم الأصبهاني ، فعمل على كتابه " مستخرجا" ، وأبقى أشياء للمتعقب.
- ثم جاء من بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي ، فصنف في قوانين الرواية كتابا سماه" الكفاية " وفي آدابها كتابا سماه " الجامع لآداب الشيخ والسامع"
وقل فن من فنون الحديث إلا وصنف فيه كتابا مفردا ، فكان كما قال الحافظ أبو بكر بن نقطة :" كل من أنصف علم أن المحدثين بعد الخطيب عيال على كتابه"
ثم جاء بعدهم بعض من تأخر عن الخطيب فأخذ بهذا العلم .
- فجمع القاضي عياض كتابا سماه " الالماع"
- وأبو حفص الميانجي جزءا سماه " مالا يسع المحدث جهله"
وأمثال ذلك من التصانيف التي اشتهرت ( وبسطت) ليتوفر علمها ( واختصرت) ليتيسر فهمها.
- إلى أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح عبد الرحمن الشهرزوري نزيل دمشق فجمع - لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرقية - كتابه المشهور ، فهذب فنونه ، وأملاه شيئا بعد شيء ، فلهذا لم يحصل ترتيبه على الوضع المتناسب ، واعتنى بتصانيف الخطيب المتفرقة ، فجمع شتات مقاصدها ، وضم إليها من غيرها نخب فوائدها ، فاجتمع في كتابه ما تفرق في غيره ، فلهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره ، فلا يحصى كم ناظم له ومختصر ، ومستدرك عليه ومقتصر ، ومعارض له ومنتصر.
وفي هذا كفاية ، سنتطرق في الدرس القادم لتعريف الخبر والحديث ، ثم شروط الحديث المتواتر واختلاف العلماء في ذلك.